وظف علماء الفنولوجيا التوليدية الفونيتيك والفنولوجيا توظيفًا يساير نظريتهم العامة في النحو التوليدي أو التحويلي المنسوبة إلى "تشومسكي"، وجاء توظيفهم للمصطلح الأول الفونيتيك توظيفًا أعم وأوسع، فمن الناحية النظرية يقررون أن أية نظرية صوتية يمكن أن تتناول ثلاثة جوانب على الأقل هي:
1: دراسة أية ضوضاء تصدر عن جهاز النطق عند الإنسان.
2: الاقتصار على دراسة تلك الأصوات التي لها وظائف وقيم لغوية في اللغات المختلفة.
3: الاقتصار على دراسة تلك الأصوات التي لها وظائف وقيم لغوية في لغة معينة.
وفي رأيهم أن الدراسة في الجانب الثاني تمثل الهدف المقبول والمعقول لتشكيل علم يسمى بعلم الأصوات العالمي "يونيفرسال فونتكس"، إن الأخذ بهذا الجانب يخلصنا من وجهة نظرهم من الدراسة في الجانب الأول المتعلقة بدراسة الأصوات على أنها ضوضاء تصدر عن جهاز النطق عند الإنسان؛ إذ إن الدراسة فيه تنتظم أصواتًا ليست لها أية قيمة لغوية وإن كانت ذات لمحات أو دلالات اجتماعية. هذا بالإضافة إلى أن الدراسة في هذا الجانب الثاني وهو دراسة الوظائف والقيم اللغوية في اللغات المختلفة تغطي ما تحتاجه الدارسة في الجانب الثالث الخاص بدراسة الوظائف والقيم اللغوية في لغة معينة، إذ إن دراسة أصوات اللغة المعينة يمكن أن تستمد حاجتها من هذا الرصيد العالمي الذي قد توصلنا إليه بالفعل من الدراسة في اللغات المختلفة.
وتأتي الفنولوجيا التوليدية لتشكيل نظامين للأصوات: تمثيل صوتي نظامي، وتمثيل فنولوجي نظامي. وبهذا النهج نستطيع أن نتعرف من خلال ذلك على وجوه الاتفاق والافتراق بين اللغات المختلفة في علم أصواتها وفي بنيتها الفنولوجية على السواء، ومعنى هذا أن الفنولوجيا التوليدية تشغل نفسها بأمرين مقابلين للنظامين السابقين:
أولًا بتفسير العناصر أو الوحدات المشكلة للكلام تفسيرًا صوتيًا، وذلك بالنظر إلى البنية السطحية (المنطوق الفعلي).
ثانيًا إلى وصف المقدرة الطبيعية التي يمتلكها ابن اللغة ليفهم النظام الصوتي في لغته وليستخدمه استخدامًا صحيحًا.
وخلاصة القول فيما يختص بالعلاقة بين الفونيتيك والفنولوجيا: أن النظرية الفنولوجية التوليدية تسلك مسلكًا في الدرس الصوتي يختلف عن النظريات السابقة ويتبين ذلك في:
1- الفنولوجيا التوليدية تعتمد الفونيتيك والفنولوجيا جناحين متصلين يشكلان معًا النظرية الصوتية، وهي بذلك تتفق ظاهريًا مع المدارس الأخرى التي تأخذ الجانبين في الحسبان عند أية دراسة صوتية.
2- على الرغم من هذا الاتفاق الظاهري فإن الفنولوجيا التوليدية تبدأ عملها من البنية العميقة إلى البنية السطحية، بينما المدارس الأخرى لا تحاول الدخول أو النظر فيما يسمى بالبنية العميقة - الوحدات الصوتية ذات المعاني والقيم اللغوية -.
3- الفنولوجيا التوليدية يراد بها: أن تكون نظرية عالمية لا يختص تطبقيها على لغة دون أخرى، في حين أن الفنولوجيا في مفهومها العام مقصور تطبيقها على اللغة المعينة.
4- يبدو من كلام التوليديين أنهم لا يقبلون فكرة الفونيم أو علم الفونيمات، وذلك لأن هذه الفكرة معتمدة في تفسيرها وتحليلها على الآثار الصوتية المنطوقة بالفعل، في حين أن الفنولوجيا التوليدية ذات سمة تجريدية عقلية تترجم العناصر العقلية إلى آثار منطوقة بطريق التوليد.
اللغة عند هؤلاء ذات ثلاثة جوانب هي: الأصوات، والبنية، وسياق الحال. هذه الجوانب الثلاثة تقوم بدراستها عدد من النظم أو المستويات اللغوية تنضم كلها في إطار علم واحد يطلق عليه "علوم اللغة".