لغة الإعلام بين الواقع والمأمول
إعداد
الأستاذ الدكتور / محمد غالب عبد الرحمن وراق
عميد كلية اللغة العربية
جامعة أم درمان الإسلامية
السودان
يوليو 2015
بسم الله الرحمن الرحيم
لُغة الإعلام بين الواقع والمأمول
إنّ اللغة هي عنوان الحضارة ومظهر الحياة ، وهي ترتقي وتتسع على قدر حظ أهلها من الحضارة وتتجدّد كلما تجدّدت بهم الحياة ، فهي كما يقول عُلماء اللغات كائن حي يحيا بحياة أهله ويموت بموتهم . ففي تاريخ اللغة العبرية شاهد ودليل على حياة اللغة بعد اندثار ، فقد جاء زمان تُنوسيت فيه العبرية ، حتى إنهم ترجموا العهد القديم إلى الآرامية ، وهي الفترة التي كتب الله فيها التيه على بني إسرائيل ، ولمّا تجمّع اليهود في 1948م في فلسطين بعثوا هذه اللغة من الأنقاض ، وأصبحت هي لُغةَ الحياة ، كُلَّ الحياة في إسرائيل .
إنّ اللغة ليست وسيلة من وسائل الاتصال بالمفهوم الإعلامي ، لكنَّ الاتصال من وظائفِ اللغة العديدة . ومادةُ الاتصال مادةُ فكرية وليست اللغةُ إلاّ الأداةَ المُعبّرةَ عن الفكر ، وبقدر ما تحمله هذه اللغةُ من معانٍ ودلالات يكون تمام التوصيل ، لأنّها واسطةٌ بين المُرسل والمُستقبل . فإذا أدّت تلك الوساطة دورها المنشود نجح الموقف الاتصالي . ولإتمام عملية الاتصال لابدّ أنْ تكون بنية اللغة وقواعدها مُحكمة ، فالمُستقبل يفهم الرسالة الإعلامية على أساس المقياس الذي يعرفه من اللغة . وعلى ذلك فقيمة اللغة ليست فيما تنقله وسائط الإعلام المختلفة وإنّما قيمتها في امتلاك المرسل (الإعلامي) لناصيتها.
وهُنا لابدّ من سؤال : هل هُناك فارق بين لُغة الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام المسموعة كالراديو والتلفزيون ؟ تبدو الإجابة العجلى أنّ لا فارق بين اللغتين ، لكنَّ النظر الفاحص والتأمل العميق يؤكّد على وجود فارق بين اللغتين ، فلغة الصحافة هي اللغة المكتوبة ، ولغة الإذاعة هى اللغة المنطوقة ، وحتماً هناك فارق بين اللغتين ، ففي اللغة المكتوبة ترتيب منطقي للجمل تُمليه قواعد النحو ، أمّا اللغة المنطوقة فهي تفتقر إلى هذا الترتيب ، إذْ أنّها تخضع لمنطق انفعالي ذاتي يُدخله عليها المتكلّم تبعاً للموقف الذي يُريد أن ينقله إلى المتلقي .
وأيّاً كان الفارق بين اللغتين ، المكتوبة والمنطوقة فإنّ كل وسيلة إعلامية تسعى جاهدة لاستخدام اللغة الأكثر ملاءمة والأكثر مصداقية لجمهورها .
وهي حين تستعين بالمنجزات التكنولوجيّة الأُخرى فإنّها تستهدف التأثير في الجمهور المُتلقي ، وذلك لإيمانها بقدرة اللغة على تشكيل عقول الجمهور وصياغة رؤيته التي يُفسّر بها واقعه ، ومن ثمّ يستوعبه ويتكيّف معه ويوجّه سلوكه في التعامل مع هذا الواقع .
ولقد كان لظهور الصحافة في القرن التاسع عشر الميلادي أثر لا يُنكر في نمو اللغة العربية واتساع معجمها ، فقد تمّ على يد الصحفيين والكُتاب ومُحرري الصُحف استحداث الكثير من الألفاظ والعبارات والأساليب ، فقد حاولوا اصطناع أسلوبٍ يرتفع عن الابتذال ويهبط عن الإغراب ، أسلوبٍ وسط يقترب من إفهام عامة المثقفين دون ركاكة أو إسفاف . ساعد على شيوع هذا الأُسلوب انتشار التعليم واستخدام المطابع وذيوع الصُحف .
ودور الصُحف في ذيوع هذه الفُصحى المُعاصرة أوسع وأكبر شأناً ، إذْ إنَّ الصُحف كانت تتجه إلى جميع الطبقات في الأُمة بخلاف الكُتب التي كانت وقفاً على المُثقّفين ، وكان كل كاتب في صحيفة يسعى لتبسيط لُغته حتى يكون قريباً من العامة . وتزامن مع ذلك نشأة الأحزاب السياسية ، التي كان لكل منها صحيفة تنطق باسمها ، وأخذت كل صحيفة تجتذب إليها عَلماً من أعلام الفكر والأدب . واختصم هؤلاء على صفحات الجرائد في شؤون السياسة والأدب ، أفادت منها لُغة الصحافة ، تيسيراً لأسلوبها وتبسيطاً لمعجمها ، مع مسحة من الجمال الفني .
والذي يُلاحَظ على الفُصحى المعاصرة التي تصطنعها وسائل الإعلام – خاصة الصحافة –أمران :
1/ استخدام طائفة من الكُتّاب والأُدباء لطائفة من الكلمات العاميّة التي يُظن لأول الأمر أنّها غير فصيحة بينما هي عربية صحيحة وإن لاكتها العامة.
2/ نشوء صيغ وعبارات يُظن لأول وهلة أنّها غير فصيحة حتى إذا عرضها عُلماء اللغة على قواعدها وتصاريفها وجدوا لها وجوهاً من التخريج تجعلها عربية فصيحة.
ولمّا كان الإعلاميون يُواجهون عملاً يستلزم إنتاجاً يومياً متنوعاً يملأ أعمدة الصُحف على اختلاف صفحاتها ، فإنّهم اضطروا إلى استحداث الكثير من الكلمات والعبارات ، وهي أَمثلة كثيرة لا حصر لها ، منها على سبيل المثال : وزارة ائتلافية ، الأصولية ، المُوازنة ، تيار كهربائي ، وجبة غذائية ، إقطاعي ، جيل ، ديمقراطية ، فاشية ، ... الخ ، وهو عمل رائع يعكس مراحل تطور هذه اللغة ، ومن ثمّ مراحل تطور المجتمع ، لأنّ اللغة مرآة لحركة الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
وما تقوم به وسائل الإعلام من رفد اللغة العربية في ألفاظها وتراكيبها وصيغها عمل له خطره إلاّ أنّه عمل لم يُتَح له الوقت الكافي للتروي والتقصي والبحث ، لذا فقد وقعت فيه أخطاء كثيرة متنوعة ، ولا زالت هذه الأخطاء تُمثّل مشكلة للباحثين الإعلاميين فما نوع هذه الأخطاء ؟ وما أسبابها ؟ وكيف يمكن علاجها ؟
سوف نجترئ هُنا ببعض النماذج التي تكشف عن حجم الظاهرة ، وقد حاول بعض الباحثين رصدها في بلدان عربية مُتعدّدة وفي أزمان مُتفرّقة . ومن هذه المُحاولات الجادة كتاب أخطاء اللغة العربية المُعاصرة عند الكُتّاب والإذاعيين للدكتور أحمد مختار عمر ، وأَزاهير الفُصحى لأبي السعود ، ومعجم الأخطاء الشائعة لمحمد العدناني ، وغير ذلك من المقالات والبحوث .
يقع الكاتب بالعربية – كثيراً – في الخطأ نتيجة التوهم ، وغالباً ما يحدث ذلك حين يتشابه اللفظان أو التعبيران ويختلفان تحليلاً ، فيتوهم المتكلّم تشابههما من ذلك مثلاً :
-مُعاملة بعض المُفردات وجموع التكسير مُعاملة جمع المؤنث السالم ، مثل : رفات وهي كلمة مُفردة على وزن فُعال .
-مُعاملة الكلمات المُفردة المختومة بألف وتاء مربوطة مُعاملة جمع المؤنث السالم مثل : مداواة ، مُراعاة ، مساواة .
-تذكير المؤنث وتأنيث المذكر ، إذْ يتوهم كثيرون أنّ كل ما جُمع بألف وتاء مزيدتين يكون مفرده مؤنثاً ، مما يُوقع في الخطأ عند استعمال هذه الكلمات في باب العدد فيُقال في المنزل ثلاثُ حمّامات والصحيح ثلاثة بالتاء ، وفي ذلك قول بعضهم إحدى المستوصفات ، والصحيح أحد المستوصفات .
ومن الأخطاء الشائعة في لُغة الإعلام أيضاً :
-قولهم : لا أفعل هذا طالما أنا مُبعد ، والصواب أن يُقال : لن أفعل هذا ما دمت مبعداً ، لأنّ طالما لا معنى لها هُنا فهي مكونة من الفعل طال زائد (ما) وهي بمعنى كثر ما .
-تكرار (كلما) مثل قولهم : كلما ازداد الحر (كلما) ازداد استهلاك المياه ، وصوابه حذف (كلما) الثانية .
-استعمال (لا سيما) بغير الواو في مثل قولهم : أحب أكل الفاكهة لا سيما البطيخ ، وصوابه : ولا سيما البطيخ .
-تثنية دعوى على دعوتين ، والصواب دعويين وجمعها دعاوي ، أمّا دعوة فتُثنى على دعوتين وتُجمع على دعوات .
-جمع مدير على مدراء ، ظناً منهم أنّها على وزن فعيل وهى على وزن مُفْعل ، لذا فإنّها تُجمع على مديرين .
-قولهم أجهزة التصنت ، ولا يوجد في اللغة العربية الفعل (صنت) إنّما الموجود نصت أو أنصت لذا فالصحيح أجهزة التنصت وإن شئنا أجهزة التسمع .
ومن نماذج الألفاظ والعبارات التي يقع فيها الاشتباه كذلك :
الكفاءة والكفاية ، الكفاءة بمعنى المساواة ، فلان كفء لفلان مساوٍ له ، أمّا إذا أردنا أنّ فلاناً مُقتدر والصحيح هو كافٍ أو من أهل الكفاية .
-عقار بدون تشديد ، الأشياء الثابتة كالمنزل والأرض وما شابهه ، وجمعه عقارات أمّا عَقّار بالتشديد وهو ما يُتدواى به فجمعه عقاقير .
-نفد ونفذ ، نفد بالدال المهملة انتهى ، أمّا نفذ بالذال المعجمة معناها وصل واخترق .
أخطاء الرسم :
مع التسليم بأن للخط العربي مشكلاته المُتعدّدة التي بقيت على تعاقب الأجيال مثل كتابة الهمزة في أوضاعها المُختلفة فإنّ أَخطاء واضحة تقع في الصحافة السودانية وهى أخطاء سببها الإهمال وعدم العناية بالرسم ، أمّا علامات الترقيم فمهدرة تماماً .
ومن نماذج الأخطاء في الرسم :
-الخلط بين همزتى الوصل والقطع ، فتجدهم يكتبون كلمات مثل الاجتماع والاقتصاد ، والاختبار والاتصال بهمزة قطع ، في حين أنّها همزة وصل لا تُرسم . كما أنّهم يتركون همزات القطع حيث يجب أن تكون مثل الفعل الرباعي (أكرم) ، ومصدره الإكرام .
-أمّا رسم الهمزة المتوسطة فلا يكاد يسلم من الخطأ .
-الخلط بين التاء المربوطة والمبسوطة ، فتجد من يكتب (مُراعات) بالتاء المبسوطة ويكتب (ثمت) بالتاء المربوطة ... الخ .
لا تتحرّج أن تقول :
يقع جمهور المستعملين للغة بين فريقين من عُلماء العربية ، فريق يرى إطلاق الحبل على الغارب لمُستعمل اللغة يتصرّف كيف يشاء ، وفريق يرى تقييد اللغة بقيود ، بحيث يحرمها من سنة التطور الذي تتعرّض له جميع لُغات العالم ، وبين هؤلاء وهؤلاء يضل جمهور المستعملين للغة -وعلى رأسهم الإعلاميون – طريقهم ، وكثير منهم يصيبهم اليأس والإحباط فينضمون إلى فريق المتساهلين ، بل الداعين إلى نبذ قواعد اللغة العربية وقوانينها ، بل يتصورون أنّ هذه القواعد تُمثّل عائقاً عن التفكير الطبيعي بدلاً من أن تكون أداة له ، فتراهم يتوقفون أمام كل كلمة أو جملة يسألون عن وجه الصواب فيها ، فيتلقون إجاباتٍ مختلفة من أهل العربية ، كلٌ حسب فهمه وقدرته على التحليل .
وقد شغل بعضُ الباحثين أنفسهم بتساؤلات تمس كلمات وتعبيرات ربما لم
تُنقل عن العرب فترة الاستشهاد ، ولكّنها في الوقت نفسه لا تصادم قاعدة ، وقد تكون أثراً من آثار المُحاكاة والقياس ، ومن ثمّ فلا حرج في استعمالها . وقد يتسرّع بعض الباحثين في علوم العربية في الحُكم على هذا اللفظ أو هذه العبارة بالخطأ رغم أنّها صحيحة . والحُكم على لفظة ما بالخطأ أصعب من الحُكم بصوابها ، فالحُكم بالخطأ يحتاج إلى استقراء تام وهو ما ليس متيسراً في غالب الأحوال ، أمّا الحُكم بالصواب فيكفي فيه العثور على شاهد أو شواهد تؤيده .
ومن نماذج ما خطأه بعضهم وهو صحيح لا غبار في استعماله :
-آهِل ؟ ، يُقال منزل آهل بالسكان ، ومنهم من يقول مأهول ، وكلتا العبارتين صحيحة .
-الاحترام : يرى بعضهم أنَّ هذه الكلمة في معناها المُتداول لم ترد في المعاجم العربية القديمة ، وليس هذا بصحيح فقد وردت في القاموس والمصباح المُنير.
-أنت تستأهل كذا ، قال بعضُهم أنّها لم ترد ، وإنّما ورد أنت أهل لكذا ، لكن الصحيح أنّ أبا منصور الأزهري صاحب التهذيب ذكر ذلك .
-أناني : ومنها أنانية ، لم ترد عن العرب ، لكنها قياساً على مثل رقابي وروحاني في النسب إلى رقبة وروح تجوز .
أسباب الخطأ في لُغة الإعلام :
إنّ العلاقة بين الإعلام واللغة علاقة وثيقة ، فاللغة هي وعاء الفكر ، وأداة التواصل التي يتخذها الإعلام وسيطاً ، فهي حينئذٍ تشكل واحدة من أهم ركائز هويتنا ومشروعنا الثقافي ، والاجتماعي ، فما يُصيب اللغة من تراجع وضمور يترك أثره في هذه الركائز ، لذا لا ينبغي الفصل بين التحديات التي تواجهها العربية وما يواجهه مجتمعنا من أزمات . ولوسائل الإعلام دور لا يُنكر في مواجهة هذه الأزمات والتحديات . والإشارة هُنا لهذه الأزمات والتحديات للتأكيد على خطورة الدور الذي تؤديه وسائل الإعلام في تجاوز هذه التحديات.
ومن أبرز المُشكلات التي تواجه العربية وتكاد تقعد بها عن أداء رسالتها :
1/ الصراع بين اللغة العربية الفُصحى والعامية المحلية (الازدواج اللغوى) .
2/ مزاحمة اللغات الأجنبية للعربية في عُقر دارها .
3/ تخلُّف وجمود طريقة تعليم اللغة العربية وتعلّمها .
4/ المُصطلح العلمي .
وكل واحدة من هذه المُشكلات تُمثّل محوراً للبحث والدرس والنقاش . والمأمول أن تجعلها وسائل الإعلام واحدة من همومها ومشاغلها ، فتعمل على طرحها واستكتاب العارفين بها والخُبراء فيها . ولا شك أنّ لهذه التحديات آثاراً مدمّرة على اللغة العربية بوصفها وسيلة من وسائل الاتصال ، إذْ إنّها تقوم بنقل الرسالة الإعلامية من المُرسل ألى المُتلقي .فيكفي أن تهز هذه المُشكلات الثقةَ في نفوس المتحدّثين بالعربية ، وتصيبهم بالإحباط في قدرة العربية على الوفاء بحاجة الرسالة الإعلامية ، فيفكرون بالبديل ، إمّا في العاميات المحلية أو في اللغات الأجنبية ، ويا له من مستقبل مُظلم للعربية يوم يتم ذلك .
ومن أسباب الخطأ كذلك نقص الثقافة اللغوية لدى الإعلاميين ، فكثير من الأخطاء ينتج عن قلة المحصول اللغوى للإعلامي ، وسببه الإعراض عن المُطالعة المستمرة في نصوص اللغة الفصيحة شعراً ونثراً . وهذا النقص في الثقافة اللغوية يُضاعف من الصُعوبات التي يواجهها الإعلامي وبالتالي يُحَجّم من قدرته على التفكير ، فقد ثبت أنّ هناك علاقة بين مخزون الإنسان من اللغة وقدرته على التفكير .
مُواصفاتلُغة الإعلام :
لا ينكر إلاّ مُكابر ما قامت به الصُحف من إغناء للغة العربية ، في صيغها وتراكيبها ودلالاتها ، وعلينا تشجيع هذا الاتجاه ،فما يقوم به الإعلاميون يُمثّل رافداً مُهمّاً من الروافد التي تمد اللغة العربية بأسباب الحياة ، وليس المطلوب من الإعلامي أن يكون سيبويه زمانه وخليل عصره ، فيتقعر في لُغته ويتباصر بغريبها ، بل يكفي تقديمَ خبره أو تعليقه أو فكرته في لُغة بسيطة مُباشرة ، تُساعد في نقل الرسالة الإعلامية ، فلغة الإعلام لغة سريعة وآنية ، تضع المعلومة والخبر في القالب المُناسب . ولا يعني هذا أننا ندعو إلى التساهل وإلى التحرر من قواعد اللغة بل قُبول لُغة الإعلامي متى التزم الحدود الدنيا فى لُغته على اعتبار أنّ لغته لها مُواصفات تختلف عن لُغة الأكاديميين .
ومن هنا فإنّ خروج لغة الإعلام – أحياناً -عن العُرف اللغوي يفتح الباب لأنماط جديدة من الصيغ والتعبيرات ، التي ترفد الحياة الثقافية والفكرية للأمة ، ومعلوم أنّه لا ينمو إبداع دون خطأ ، وإنّ ثقافة تأخذ بقيود المنع والحظر مآلها الذبول والفناء ، كما أنّ مُجتمعاً يخضع لوصاية الفكر الواحد والرأي المُتعصّب لن ينمو فيه إبداع .
وهكذا فلغة الإعلامى تعطي هامش الحركة للبحث اللغوي لمُعالجة الخروج عن العُرف اللغوي ، وهو شيء مقبول في الُعرف الأكاديمي .
ما العلاج لمُشكلات الضعف اللغوى في الإعلام ؟
في إيجاز وتركيز أُشير إلى ما يجب عمله لإصلاح لُغة الإعلام :
1/ إصلاح مناهج تعليم اللغة العربية ، مادةً ومنهج تدريس ، بحيث تؤدي إلى تنمية مهارات الطالب اللغوية ، عن طريق الاستماع للنصوص الفصيحة وحفظ ما يُمكن حفظه منها ، حتى إذا جاء دور المُحاكاة انطلق لسانه وسال قلمه بالأسلوب الصحيح .
2/ وضع الُمراجع اللغوى في وسائل الإعلام ، على أن تكون مهمته رصدَ الأخطاء وتصويبها ، ومن ثمّ إشاعة الصحيح .
3/ وضع معجم للغة الإعلام ، يُحشد فيه التعبيرات والألفاظ التي يتداولها الإعلاميون ، سواء أكانت مُشتقة من العربية أو مُترجمة من اللغات الأُخرى .
4/ مُجابهة التحديات التي تواجه العربية الفُصحى ، بحيث تزول هذه العوائق التي تقف في طريق نموها وإزدهارها ، ومُحصّلة ذلك أن يستطيبها المُجتمع ولا يتوحش منها ، فتعود إلى مواقعها من مراكز الحياة ، على ألسنة المتحدثين بها وأقلام الكاتبين بها .
أ.د. محمد غالب عبدالرحمن وراق
عميد كلية اللغة العربية
جامعةأُم درمان الإسلامية
فبراير/2015م
مصادر البحث :
1/ أبرز التحديات التى تواجه اللغة العربية ، مقال منشور بالعدد السابع من مجلة كلية اللغة العربية بجامعة أم درمان الإسلامية .
2/ أخطاء اللغة العربية المُعاصرة عند الكتاب والإذاعيين ، للدكتور أحمد مختار عمر – القاهرة 1991م .
3/ الإعلام واللغة ، للدكتور محمد سيّد محمد – القاهرة 1984م .
4/ انتاج اللغة الإعلامية في النصوص الإعلامية ، لمحمود خليل ومحمد منصور هيبة القاهرة 2002م .
5/ مباحث فى مشكلات النحو العربي وسُبل علاجها ، للدكتور محمد غالب عبدالرحمن وراق مطبعة جامعة افريقيا 2003م .